فصل: تفسير الآية رقم (104):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآيات (100- 101):

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101)}
{ذلك} مبتدأ {مِنْ أَنْبَاء القرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ} خبر بعد خبر، أي: ذلك النبأ بعض أنباء القرى المهلكة مقصوص عليك {مِنْهَا} الضمير للقرى، أي: بعضها باق وبعضها عافي الأثر، كالزرع القائم على ساقه والذي حصد.
فإن قلت: ما محمل هذه الجملة؟ قلت: هي مستأنفة لا محل لها {وَمَا ظلمناهم} بإهلاكنا إياهم {ولكن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} بارتكاب ما به أهلكوا {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ ءالِهَتَهُمُ} فما قدرت أن ترد عنهم بأس الله {يَدْعُونَ} يعبدون وهي حكاية حال ماضية. و{لَّمَّا} منصوب بما أغنت {أَمْرُ رَبّكَ} عذابه ونقمته {تَتْبِيبٍ} تخسير. يقال تبّ إذا خسر. وتببه غيره، إذا أوقعه في الخسران.

.تفسير الآية رقم (102):

{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}
محل الكاف الرفع، تقديره: ومثل ذلك الأخذ {أَخْذُ رَبّكَ} والنصب فيمن قرأ: وكذلك أخذ ربك، بلفظ الفعل. وقرئ: {إذ أخذ القرى} {وَهِىَ ظالمة} حال من القرى {أَلِيمٌ شَدِيدٌ} وجيع صعب على المأخوذ. وهذا تحذير من وخامة عاقبه الظلم لكل أهل قرية ظالمة من كفار مكة وغيرها، بل لكل من ظلم غيره أو نفسه بذنب يقترفه. فعلى كل من أذنب أن يحذر أخذ ربه الأليم الشديد، فيبادر التوبة ولا يغتر بالإمهال.

.تفسير الآية رقم (103):

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103)}
{ذلك} إشارة إلى ما قص الله من قصص الأمم الهالكة بذنوبهم {لآيَةً لِّمَنْ خَافَ} لعبرة له، لأنه ينظر إلى ما أحل الله بالمجرمين في الدنيا، وما هو إلا أنموذج مما أعدّ لهم في الآخرة، فإذا رأى عظمه وشدّته اعتبر به عظم العذاب الموعود، فيكون له عبرة وعظة ولطفاً في زيادة التقوى والخشية من الله تعالى. ونحوه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يخشى} [النازعات: 26] {ذلك} إشارة إلى يوم القيامة، لأنّ عذاب الآخرة دلّ عليه. و{الناس} رفع باسم المفعول الذي هو مجموع كما يرفع بفعله إذا قلت يجمع له الناس. فإن قلت لأي فائدة أوأثر اسم المفعول على فعله؟ قلت: لما في اسم المفعول من دلالة على ثبات معنى الجمع لليوم وأنه يوم لابد من أن يكون ميعاداً مضروباً لجمع الناس له، وأنه الموصوف بذلك صفة لازمة، وهو أثبت أيضاً لإسناد الجمع إلى الناس، وأنهم لا ينفكون منه، ونظيره قول المتهدد: إنك لمنهوب مالك محروب قومك، فيه من تمكن الوصف وثباته ما ليس في الفعل، وإن شئت فوازن بينه وبين قوله: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الجمع} [التغابن: 9] تعثر على صحة ما قلت لك. ومعنى يجمعون له: يجمعون لما فيه من الحساب والثواب والعقاب {يَوْمٌ مَّشْهُودٌ} مشهود فيه، فاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول به، كقوله:
وَيَوْمٍ شَهِدْنَاهُ سُلَيْماً وَعامِراً

أي يشهد فيه الخلائق الموقف لا يغيب عنه أحد. والمراد بالمشهود: الذي كثر شاهدوه ومنه قولهم: لفلان مجلس مشهود، وطعام محضور. قال:
في مَحْفَلٍ مِنْ نَوَاصِي النَّاسِ مَشْهُودِ

فإن قلت: فما منعك أن تجعل اليوم مشهوداً في نفسه دون أن تجعله مشهوداً فيه، كما قال الله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]؟ قلت: الغرض وصف ذلك اليوم بالهول والعظم وتميزه من بين الأيام، فإن جعلته مشهوداً في نفسه فسائر الأيام كذلك مشهودات كلها، ولكن يجعل مشهوداً فيه حتى يحصل التميز كما تميز يوم الجمعة عن أيام الأسبوع بكونه مشهوداً فيه دونها، ولم يجز أن يكون مشهوداً في نفسه؛ لأنّ سائر أيام الأسبوع مثله يشهدها كل من يشهده، وكذلك قوله: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] الشهر منتصب ظرفاً لا مفعولا به، وكذلك الضمير في {فَلْيَصُمْهُ} والمعنى: فمن شهد منكم في الشهر فليصم فيه، يعني: فمن كان منكم مقيماً حاضراً لوطنه في شهر رمضان فليصم فيه، ولو نصبته مفعولاً فالمسافر والمقيم كلاهما يشهدان الشهر، لا يشهده المقيم، ويغيب عنه المسافر:

.تفسير الآية رقم (104):

{وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104)}
الأجل: يطلق على مدة التأجيل كلها وعلى منتهاها، فيقولون: انتهى الأجل، وبلغ الأجل آخره، ويقولون: حل الأجل {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ} [الأعراف: 34] يراد آخر مدة التأجيل، والعدّ إنما هو للمدّة لا لغايتها ومنتهاها، فمعنى قوله: {وَمَا نُؤَخّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ} إلا لانتهاء مدة معدودة بحذف المضاف. وقرئ: {وما يؤخره} بالياء.

.تفسير الآية رقم (105):

{يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)}
قرئ: {يوم يأت} بغير ياء. ونحوه قولهم: لا أدر، حكاه الخليل وسيبويه. وحذف الياء والاجتزاء عنها بالكسرة كثير في لغة هذيل.
فإن قلت: فاعل يأتي ما هو؟ قلت: الله عز وجل، كقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله} [البقرة: 210]، {أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ} [الأنعام: 158]، {وَجَاء رَبُّكَ} [الفجر: 22] وتعضده قراءة: {وما يؤخر} بالياء. وقوله: {بِإِذْنِهِ} ويجوز أن يكون الفاعل ضمير اليوم، كقوله تعالى: {أو تَأْتِيَهُمُ الساعة} [يوسف: 107].
فإن قلت: بما انتصب الظرف؟ قلت: إمّا أن ينتصب بلا تكلم. وإما بإضمار (اذكر) وإمّا بالانتهاء المحذوف في قوله: {إِلا لأجل معدود} [هود: 104] أي ينتهي الأجل يوم يأتي، فإن قلت: فإذا جعلت الفاعل ضمير اليوم، فقد جعلت اليوم وقتاً لإتيان اليوم وحدّدت الشيء بنفسه قلت: المراد إتيان هوله وشدائده {لاَ تَكَلَّمُ} لا تتكلم، وهو نظير قوله: {لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن} [النبأ: 38].
فإن قلت: كيف يوفق بين هذا وبين قوله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِى كُلُّ نَفْسٍ تجادل عَن نَّفْسِهَا} [النحل: 111] وقوله تعالى: {هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36]، قلت: ذلك يوم طويل له مواقف ومواطن، ففي بعضها يجادلون عن أنفسهم، وفي بعضها يكفون عن الكلام فلا يؤذن لهم، وفي بعضها يؤذن لهم فيتكلمون، وفي بعضها: يختم على أفواههم وتتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم {فَمِنْهُمْ} الضمير لأهل الموقف ولم يذكروا؛ لأنّ ذلك معلوم، ولأنّ قوله: {لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ} يدل عليه، وقد مرّ ذكر الناس في قوله: {مَّجْمُوعٌ لَّهُ الناس} [هود: 103] والشقى الذي وجبت له النار لإساءته، والسعيد الذي وجبت له الجنة لإحسانه.

.تفسير الآيات (106- 107):

{فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)}
قراءة العامّة بفتح الشين.
وعن الحسن {شقوا} بالضم، كما قرئ: {سعدوا} والزفير: إخراج النفس. والشهيق: ردّه. قال الشماخ:
بَعِيدُ مَدَى التَّطْرِيبِ أَوَّلُ صَوْتِهِ ** زَفِيرٌ وَيَتْلُوهُ شَهِيقٌ مُحَشْرَجُ

{مَا دَامَتِ السماوات والأرض} فيه وجهان، أحدهما: أن تراد سموات الآخرة وأرضها وهي دائمة مخلوقة للأبد. والدليل على أن لها سموات وأرضاً قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض} [إبراهيم: 48] وقوله: {وَأَوْرَثَنَا الأرض نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَاء} [الزمر: 74] ولأنه لابد لأهل الآخرة مما يقلهم ويظلهم: إمّا سماء يخلقها الله، أو يظلهم العرش، وكل ما أظلك فهو سماء. والثاني أن يكون عبارة عن التأييد ونفي الانقطاع. كقول العرب: ما دام تعار، وما أقام ثبير، وما لاح كوكب، وغير ذلك من كلمات التأبيد.
فإن قلت: فما معنى الاستثناء في قوله: {إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ} وقدثبت خلود أهل الجنة والنار في الأبد من غير استثناء؟ قلت: هو استثناء من الخلود في عذاب النار، ومن الخلود في نعيم الجنة: وذلك أن أهل النار لا يخلدون في عذاب النار وحده، بل يعذبون بالزمهرير وبأنواع من العذاب سوى عذاب النار، وبما هو أغلظ منها كلها وهو سخط الله عليهم وخسؤه لهم وإهانته إياهم. وكذلك أهل الجنة لهم سوى الجنة ما هو أكبر منها وأجل موقعاً منهم، وهو رضوان الله، كما قال: {وَعَدَ الله المؤمنين والمؤمنات جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الانهار خالدين فِيهَا ومساكن طَيّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ورضوان مّنَ الله} [التوبة: 72] ولهم ما يتفضل الله به عليهم سوى ثواب الجنة مما لا يعرف كنهه إلا هو، فهو المراد بالاستثناء. والدليل عليه قوله: {عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108] ومعنى قوله في مقابلته: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لّمَا يُرِيدُ} أنه يفعل بأهل النار ما يريد من العذاب، كما يعطي أهل الجنة عطاءه الذي لا انقطاع له، فتأمّله فإنّ القرآن يفسر بعضه بعضاً، ولا يخدعنك عنه قول المجبرة. إنّ المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار بالشفاعة، فإنّ الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم. وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روى لهم بعض النوابت عن عبد الله بن عمرو بن العاص: ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد؛ وذلك بعد ما يلبثون فيها أحقاباً، وقد بلغني أن من الضلال من اغترّ بهذا الحديث، فاعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار. وهذا ونحوه والعياذ بالله من الخذلان المبين، زادنا الله هداية إلى الحق ومعرفة بكتابه، وتنبيهاً على أن نعقل عنه، ولئن صح هذا عن ابن العاص، فمعناه أنهم يخرجون من حرّ النار إلى برد الزمهرير فذلك خلوّ جهنم وصفق أبوابها، وأقول: ما كان لابن عمرو في سيفيه، ومقاتلته بهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ما يشغله عن تسيير هذا الحديث.

.تفسير الآيات (108- 109):

{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)}
{غَيْرَ مَجْذُوذٍ} غير مقطوع، ولكنه ممتدّ إلى غير نهاية، كقوله: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [فصلت: 8] لما قصّ قصص عبدة الأوثان، وذكر ما أحلّ بهم من نقمه، وما أعدّ لهم من عذابه قال: {فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هؤلاء} أي: فلا تشك بعد ما أنزل عليك من هذ القصص في سوء عاقبة عبادتهم وتعرّضهم بها لما أصاب أمثالهم قبلهم تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدة بالانتقام منهم ووعيداً لهم ثم قال: {مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ ءابآؤهُم} يريد أن حالهم في الشرك مثل حال آبائهم من غير تفاوت بين الحالين، وقد بلغك ما نزل بآبائهم فسينزلنّ بهم مثله، وهو استئناف معناه تعليل النهي عن المرية. و (ما) في مما، وكما: يجوز أن تكون مصدرية وموصولة، أي: من عبادتهم، وكعبادتهم. أو مما يعبدون من الأوثان، ومثل ما يعبدون منها {وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ} أي حظهم من العذاب كما وفينا آباءهم أنصباءهم.
فإن قلت: كيف نصب {غَيْرَ مَنقُوصٍ} حالاً عن النصيب الموفى؟ قلت: يجوز أن يوفى وهو ناقص، ويوفى وهو كامل. ألا تراك تقول. وفيته شطر حقه، وثلث حقه، وحقه كاملاً وناقصاً.

.تفسير الآية رقم (110):

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110)}
{فاختلف فِيهِ} آمن به قوم وكفر به قوم، كما اختلف في القرآن {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ} يعني كلمة الإنظار إلى يوم القيامة {لَّقُضِىَ بِيْنَهُمْ} بين قوم موسى أو قومك. وهذه من جملة التسلية أيضاً.

.تفسير الآية رقم (111):

{وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)}
{وَإِنَّ كُلاًّ} التنوين عوض من المضاف إليه، يعني: وإنّ كلهم، وإنَّ جميع المختلفين فيه {لَيُوَفّيَنَّهُمْ} جواب قسم محذوف. واللام في {لَّمَّا} موطئة للقسم، و{مَا} مزيدة والمعنى: وإنّ جميعهم والله ليوفينهم {رَبُّكَ أعمالهم} من حسن وقبيح وإيمان وجحود. وقرئ: {وإن كلا} بالتخفيف على إعمال المخففة عمل الثقيلة، اعتباراً لأصلها الذي هو التثقيل.
وقرأ أبيّ: {وإن كل لما ليوفينهم} على أنّ إن نافية. ولما بمعنى إلا. وقراءة عبد الله مفسرة لها. وإن كل إلا ليوفينهم، وقرأ الزهري وسليمان بن أرقم {وإن كلا لما ليوفينهم} بالتنوين، كقوله: {أَكْلاً لَّمّاً} [الفجر: 19] والمعنى: وإن كلا ملمومين، بمعنى مجموعين، كأنه قيل: وإنّ كلا جميعاً، كقوله: {فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: 30].